الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
تقدم في الباب السابق وجه تأخيره عن سجود السهو. (قوله من إضافة الحكم إلى سببه) الحكم هو وجوب السجود لا السجود، فلو قال من إضافة الفعل إلى سببه لكان أولى أو إن الحكم بمعنى المحكوم به ط (قوله يجب) أي وجوبا موسعا في غير صلاة كما سيأتي ولا يجب على المحتضر الإيصاء بها وقيل يجب قنية، والثاني بالقواعد أليق نهر؛ والظاهر أنه يخرج عنها كصلاة فرض أو صوم يوم لأنه المعهود تأمل رحمتي ثم رأيته مصرحا به في التتارخانية مع تصحيح عدم الوجوب. (قوله بسبب تلاوة) احترز عما لو كتبها أو تهجاها فلا سجود عليه كما سيأتي. (قوله أي أكثرها إلخ) هذا خلاف الصحيح الذي جزم به في نور الإيضاح. ففي السراج: وهل تجب السجدة بشرط قراءة جميع الآية أم بعضها؟ فيه اختلاف. والصحيح أنه إذا قرأ حرف السجدة وقبله كلمة أو بعده كلمة وجب السجود وإلا فلا. وقيل لا يجب إلا أن يقرأ أكثر آية السجدة مع حرف السجدة؛ ولو قرأ آية السجدة كلها إلا الحرف الذي في آخرها لا يجب عليه السجود ا هـ. لكن قوله: ولو قرأ آية السجدة إلخ يقتضي أنه لا بد من قراءة الآية بتمامها كما يفهم من إطلاق المتون ويأتي قريبا ما يؤيده إلا أن يقال سياق الكلام قرينة على أن المراد بقوله إلا الحرف إلخ الكلمة التي فيها مادة السجود وإطلاق الحرف على الكلمة شائع في عرف القراء. (قوله من أربع عشرة آية) بيان لآية في قوله تلاوة آية. [تنبيه] السجود في سورة النمل عند قوله تعالى: {رب العرش العظيم} على قراءة العامة بتشديد " ألا " وعند قوله تعالى: {ألا يسجدوا} على قراءة الكسائي بالتخفيف، وفي ص عند {وحسن مآب} وهو أولى من قول الزيلعي عند - وأناب - لما نذكره، وفي حم السجدة عند {وهم لا يسأمون} وهو المروي عن ابن عباس ووائل بن حجر، وعند الشافعي عند {إن كنتم إياه تعبدون} وهو مذهب علي ومروي عن ابن مسعود وابن عمر. ورجحنا الأول للاحتياط عند اختلاف مذاهب الصحابة لأنها لو وجبت عند " تعبدون " فالتأخير إلى " لا يسأمون " لا يضر بخلاف العكس لأنها تكون قبل وجود سبب الوجوب فتوجب نقصانا في الصلاة لو كانت صلاتية ولا نقص فيما قلناه أصلا كذا في البحر عن البدائع إمداد ملخصا، وقد بين موضع السجود في بقية الآيات فراجعه. والظاهر أن هذا الاختلاف مبني على أن السبب تلاوة آية تامة كما هو ظاهر إطلاق المتون وأن المراد بالآية ما يشمل الآية والآيتين إذا كانت الثانية متعلقة بالآية التي ذكر فيها حرف السجدة، وهذا ينافي ما مر عن السراج من تصحيح وجوب السجود بقراءة حرف السجدة مع كلمة قبله أو بعده. لا يقال ما في السراج بيان لموضع أصل الوجوب وما مر عن الإمداد بيان لموضع وجوب الأداء أو بيان لموضع السنة فيه. لأنا نقول إن الأداء لا يجب فور القراءة كما سيأتي وما مر في ترجيح مذهبنا من قولهم لأنها تكون قبل وجود سبب الوجوب، وقد ذكر مثله أيضا في الفتح وغيره يدل على أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في موضع أصل الوجوب وأنه لا يجب السجود في سورة حم السجدة إلا عند انتهاء الآية الثانية احتياطا كما صرح به في الهداية وغيرها لأن الوجوب لا يكون إلا بعد وجود سببه، فلو سجدها بعد الآية الأولى لا يكفي لأنه يكون قبل سببه، وبه ظهر أن ما في السراج خلاف المذهب الذي مشى عليه الشراح والمتون تأمل. (قوله لاقترانها بالركوع) لأن السجدة متى قرنت بالركوع كانت عبارة عن السجدة الصلاتية كما في قوله تعالى: {واسجدي واركعي} بدائع. (قوله خلافا للشافعي وأحمد) حيث اعتبرا كلا من سجدتي الحج ولم يعتبرا سجدة ص كما في غرر الأفكار. (قوله ونفى مالك سجود المفصل) أي من الحجرات إلى الآخر وفيه سورة النجم والانشقاق والعلق فيكون السجود عنده في إحدى عشرة. (قوله بشرط سماعها) فلا تجب على من لم يسمعها وإن كان في مجلس التلاوة شرح المنية. (قوله فالسبب التلاوة إلخ) أي التلاوة الصحيحة وهي الصادرة ممن له أهلية التمييز كما ذكره غير واحد من المشايخ حلية، وسيأتي محترزه في قول المصنف فلا تجب على كافر إلخ. قلت: وينبغي أن يزاد قيد آخر وهو كونها لا حجر فيها احترازا عن تلاوة المؤتم ومن تلا في ركوعه أو سجوده أو تشهده فإنه لا سجود عليهم بتلاوتهم لحجرهم عنها كما سيأتي. ثم اعلم أن التلاوة سبب في حق التالي وغيره. واختلف في السماع فقيل هو شرط في حق السامع لا سبب وصححه في الكافي والمحيط والظهيرية، وقيل هو سبب ثان في حقه، وإليه ذهب في الهداية والبدائع وسينبه الشارح على ترجيحه. وذكر في المجتبى أن الموجب للسجدة أحد ثلاثة التلاوة والسماع والإتمام وظاهره أنها أسباب ثلاثة وبه صرح في الحلية. واختار المصنف ما في الكافي وزاد عليه سببا آخر وهو الائتمام، فالسبب عنده شيئان التلاوة والائتمام كما صرح بذلك في المنح، وصرح أيضا بأن السماع شرط في حق غير التالي وتبعه الشارح في تقرير كلام المتن لكن في كلام الشارح ما يفيد أن الائتمام شرط أيضا كالسماع كما يظهر قريبا (قوله وإن لم يوجد السماع) أي بالفعل كما يدل عليه قوله كتلاوة الأصم وإلا فكونه بحيث يسمع نفسه لولا العوارض أو يسمعه من قرب أذنه إلى فمه شرط كما هو مذهب الهندواني وهو الصحيح خلافا للكرخي المكتفي بتصحيح الحروف ح. قلت وبه صرح في الخانية قوله في حق غير التالي) أي عند فقد الائتمام فإنه لا يشترط سماع المؤتم بل ولا حضوره عند تلاوة الإمام كما سيأتي، وإنما ترك التقييد بذلك اعتمادا على ما ذكره المصنف عقبه فافهم (قوله ولو بالفارسية) مبالغة على ما أفهمه كلامه من وجوبها على السامع فيعلم وجوبها عليه لو تليت بالعربية بالأولى لا على قوله: والسماع شرط إذ لا تظهر فيه الأولوية فافهم (قوله إذا أخبر) أي بأنها آية سجدة سواء فهمها أو لا وهذا عند الإمام وعندهما إن علم السامع أنه يقرأ القرآن لزمته وإلا فلا بحر. وفي الفيض وبه يفتى وفي النهر عن السراج أن الإمام رجع إلى قولهما وعليه الاعتماد. ا هـ. والمراد من قوله: إن علم السامع أن يفهم معنى الآية كما في شرح المجمع حيث قال: وجبت عليه سواء فهم معنى الآية أو لا عنده. وقالا: إن فهمها وجبت وإلا فلا لأنه إذا فهم كان سامعا للقرآن من وجه دون وجه ا هـ. ملخصا، أما لو كانت بالعربية فإنه يجب بالاتفاق فهم أو لا لكن لا يجب على الأعجمي ما لم يعلم كما في الفتح أي وإن لم يفهم. (قوله أو بشرط الائتمام) أي إن سجدها الإمام وإلا فلا تلزمه وإن سمعها منه شرح المنية. (قوله فإنه سبب) صوابه فإنه شرط ليوافق قوله أو بشرط وقوله أيضا أي كما إن السماع شرط نعم صرح في المنح بأن السبب شيئان التلاوة والائتمام كما قدمناه وعليه فقوله أو الائتمام معطوف على قوله تلاوة آية، فإن كان مراد الشارح موافقته كان عليه أن يسقط قوله بشرط وإلا كان عليه أن يقول فإنه شرط لوجوبها أيضا. (قوله ولم يحضرها) أي بأن تلاها قبل أن يحضر ويقتدي به. (قوله للمتابعة) في البحر عن التجنيس التالي والسامع ينظر كل منهما إلى اعتقاد نفسه فثانية الحج ليست سجدة عندنا خلافا للشافعي لأن السامع ليس بتابع للتالي تحقيقا حتى يلزمه العمل برأيه لأنه لا شركة بينهما. ا هـ. وظاهره أنه يتبعه فيها لو كان في الصلاة لكونه تابعا تحقيقا أفاده ط وقد تقدم في واجبات الصلاة أنه تجب المتابعة في المجتهد فيه لا في المقطوع بنسخه أو بعدم سنيته كزيادة تكبيرة خامسة في الجنازة وكقنوت الفجر وتقدم الكلام على ذلك هناك والظاهر أن هذه السجدة من المجتهد فيه أي مما للاجتهاد فيه مساغ تأمل. (قوله لم يسجد المصلي) أي المصلي صلاته، سواء كان هو أي المؤتم التالي أو كان إمامه أو مؤتما بإمامه بدليل قول المتن فيما سيأتي ولا من المؤتم لو كان السامع في صلاته، والأولى إسقاط المصلي ليعود الضمير على المؤتم التالي لئلا يتكرر قول المصنف الآتي ولا من المؤتم إلخ ولأن المصلي يشمل المصلي غير صلاته كإمام غير إمامه ومقتد به ومنفرد مع أنهم كغير المصلي أصلا من قسم الخارج كما أفاده ح أي فإنهم يسجدونها بعد الفراغ من صلاتهم كما سيأتي ذلك في قول المتن، ولو سمع المصلي من غيره لم يسجد فيها بل بعدها ويأتي تمام الكلام على ذلك هناك. (قوله لأن الحجر ثبت لمعينين) وهو الإمام ومن معه وفيه أن الإمام غير محجور عليه القراءة في هذه الصلاة وإنما الحجر على المقتدين به فالأظهر التعليل بما في شرح المنية وغيرها بأنه إن سجد الإمام يلزم انقلاب المتبوع تابعا وإلا لزم مخالفتهم له بخلاف من ليس معهم في صلاتهم لعدم حجره بالنظر إليهم لأنه بمنزلة من ليس في الصلاة في حقهم. (قوله حتى لو دخل) أي الخارج معهم أي في صلاتهم سقطت السجدة عنه تبعا لهم وظاهره سقوطها عنه ولو دخل في ركعة أخرى غير ركعة التلاوة. (قوله للحجر فيها عن القراءة) قال المرغيناني: وعندي أنها تجب وتتأدى فيه بحر عن الزيلعي. قلت: وفي التشهد بحث مقدسي: أي لأن اندراجها في الركوع أو السجود ممكن بخلاف التشهد، ويمكن أن يكون المراد بقوله تتأدى فيه أنه يؤديها في ذلك الموضع الذي تلاها فيه لا بعده لكن في الإمداد وقال المرغيناني: عليه السجود ويتأدى بالركوع والسجود الذي هو فيه كذا في شرح الديري فعليه يسجد لو كان تاليا في التشهد ا هـ. أقول: هذا يؤيد الأول ثم لا يخفى أن القول بوجوبها عليه أظهر لأنه منهي عن القراءة فيها كالجنب لا محجور كالمقتدي، وقد فرقوا بين الجنب والمقتدي بأن الأول منهي عنها فتجب عليه السجدة لأن النهي لا ينافي الوجوب والمقتدي محجور لنفاذ تصرف الإمام عليه وتصرف المحجور لا حكم له، وأما الحائض فلا تجب عليها بتلاوتها لأنها ليست أهلا للصلاة بخلاف الجنب. ولا يخفى أن التالي في ركوعه مثلا أهل للوجوب وليس له إمام يحجر عليه فينبغي ترجيح الوجوب عليه ولعل ذلك وجه اختيار الإمام المرغيناني، ثم رأيت في حاشية المدني نقل عن شيخه ميرغني في حاشية الزيلعي أنه رجح كلام المرغيناني بما ذكرنا ولله الحمد. والظاهر أن من هذا القبيل ما في الفيض لو سجد للتلاوة وقرأ في سجوده آية أخرى لم تجب السجدة تأمل (قوله بشروط الصلاة) لأنها جزء من أجزاء الصلاة فكانت معتبرة بسجدات الصلاة؛ ولهذا لا يجوز أداؤها بالتيمم إلا أن لا يجد ماء لأن شرط صيرورة التيمم طهارة حال وجود الماء خشية الفوت ولم توجد لأن وجوبها على التراخي، وكذا يشترط لها الوقت حتى لو تلاها أو سمعها في وقت غير مكروه فأداها في مكروه لا تجزيه لأنها وجبت كاملة إلا إذا تلاها في مكروه وسجدها فيه أو في مكروه آخر جاز لأنه أداها كما وجبت وكذا النية لأنها عبادة فلا تصح بدونها بدائع قال في الحلية إلا إذا كانت في الصلاة وسجدها على الفور كما صرحوا به وكأنه لأنها صارت جزءا من الصلاة فانسحب عليها نيتها. (قوله خلا التحريمة) لأنها لتوحيد الأفعال المختلفة ولم توجد بدائع وحلية وبحر أي فإن الصلاة أفعال مختلفة من قيام وقراءة وركوع وسجود وبالتحريمة صارت فعلا واحدا وأما هذه فماهيتها فعل واحد فاستغنت عن التحريمة فافهم. (قوله ونية التعيين) أي تعيين أنها سجدة آية كذا نهر عن القنية، وأما تعيين كونها عن التلاوة فشرط كما تقدم في بحث النية من شروط الصلاة إلا إذا كانت في الصلاة وسجدها فورا كما علمته (قوله ويفسدها ما يفسدها) أي ما يفسد الصلاة من الحدث العمد والكلام والقهقهة وعليه إعادتها. وقيل هذا قول محمد لأن العبرة عنده لتمام الركن وهو الرفع، والعبرة عند أبي يوسف للوضع فينبغي أن لا يفسدها. وفي الخانية أنها تفسد على ظاهر الجواب اتفاقا إلا أنه لا وضوء عليه في القهقهة وكذا محاذاة المرأة لا تفسدها كصلاة الجنازة، ولو نام فيها لا تنتقض طهارته كالصلبية على الصحيح بحر (قوله كركوع مصل) قيد بالمصلي لأنه لو تلاها خارج الصلاة فركع لها لا يجزيه قياسا واستحسانا كما في البدائع وهو المروي في الظاهر كما في البزازية خلافا لما سينقله الشارح عن البزازية فإنه تحريف تبع فيه النهر كما ستعرفه فافهم (قوله وإيماء مريض) أي ولو تلاها في الصحة كما في شرح المنية (قوله وراكب) أي إذا تلاها أو سمعها راكبا خارج المصر وإن نزل بعدها ثم ركب، أما لو وجبت على الأرض فإنها لا تجوز على الدابة لأنها وجبت تامة بخلاف العكس كما في البحر. (قوله بين تكبيرتين مسنونتين) أي تكبيرة الوضع وتكبيرة الرفع بحر. وهذا ظاهر الرواية وصححه في البدائع، وعن أبي حنيفة لا يكبر أصلا. وعنه وعن أبي يوسف يكبر للرفع لا للوضع. وعنه بالعكس حلية قال في التتارخانية: وفي الحجة قال بعض المشايخ لو سجد ولم يكبر عن العهدة قال في الحجة وهذا يعلم ولا يعمل به لما فيه من مخالفة السلف. ا هـ. (قوله جهرا) أي يرفع صوته بالتكبير زيلعي، أي فيسمع نفسه به منفردا ومن خلفه إذا كان معه غيره ط. (قوله بين قيامين مستحبين) أي قيام قبل السجود ليكون خرورا وهو السقوط من القيام، وقيام بعد رفع رأسه وهذا عزاه في البحر إلى المضمرات وقال إن الثاني غريب وذكر الخير الرملي عن خط المصنف أن صاحب المضمرات عزاه إلى الظهيرية وأنه راجع نسخته الظهيرية فلم يجد القيام الثاني فيها. ا هـ. أقول: قد وجدته في نسختي ونصه: وإذا رفع رأسه من السجود يقوم ثم يقعد. ا هـ. وكذا عزاه إليها في التتارخانية وشرح المنية فالظاهر أن في نسخة المصنف سقطا فتنبه، ووجه غرابته أنه انفرد بذكره صاحب الظهيرية ولذا عزاه من بعده إليها فقط. [تتمة] : ويندب أن لا يرفع السامع رأسه منها قبل تاليها وليس هو اقتداء حقيقة، ولذا لا يؤمر التالي بالتقدم. ولا السامعون بالاصطفاف ولا تفسد سجدتهم بفساد سجدته وفي النوادر يتقدم ويصطفون خلفه وتمامه في الإمداد. (قوله في الأصح) قال في فتح القدير: ينبغي أن لا يكون ما صحح على عمومه، فإن كانت السجدة في الصلاة فإن كانت فريضة قال: سبحان ربي الأعلى أو نفلا قال ما شاء مما ورد: «كسجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين»، وقوله: «اللهم اكتب لي عندك بها أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود»، وإن كان خارج الصلاة قال كل ما أثر من ذلك ا هـ. وأقره في الحلية والبحر والنهر وغيرها. (قوله لأنها من أجزائها) أي من جنس أجزاء الصلاة أو المراد في بعض المواضع كما إذا تليت في الصلاة فافهم. قال في البحر وغيره: فيشترط لوجوبها أهلية وجوب الصلاة من الإسلام والعقل والبلوغ والطهارة من الحيض والنفاس. ا هـ. (قوله كالأصم) نبه على بعيد الخطور بالبال ليعلم غيره بالأولى ح. (قوله إذا تلاها) أما إذا رأى قوما سجدوا فلا تجب عليه إمداد عن التتارخانية. (قوله كالجنب) ظاهره أنه ليس أهلا للوجوب أداء وليس كذلك رحمتي نعم السكران والنائم كل منهما ليس أهلا للأداء إذا استوعب الوقت تأمل. (قوله والسكران) لأنه اعتبر عقله قائما حكما زجرا له ولهذا تلزمه العبادات كما في المحيط ومفاده أنه لو سكر من مباح كما لو أساغ به لقمة أو أكره عليه لم تجب عليه إذا تلاها أو سمعها إذا كان بحال لا يميز ما يقول وما يسمع حتى إنه لا يتذكره بعد الصحو حلية. (قوله والنائم) أي إذا أخبر أنه قرأها في حالة النوم تجب عليه وهو الأصح تتارخانية وفي الدراية لا تلزمه هو الصحيح إمداد ففيه اختلاف التصحيح، وأما لزومها على السامع منه أو من المغمى عليه فنقل في الشرنبلالية أيضا اختلاف الرواية والتصحيح وكذا من المجنون وسيأتي بيانه قريبا. (قوله لأنهم ليسوا أهلا لها) أي للصلاة أي لوجوبها بتقدير مضاف، وفي بعض النسخ: لهما أي للأداء والقضاء وهذا ظاهر في المجنون المطبق، أما من لم يزد جنونه على يوم وليلة فمقتضاه الوجوب كما سيأتي. (قوله وتجب بتلاوتهم) أي وتجب على من سمعهم بسبب تلاوتهم ح. (قوله يعني المذكورين) أي الأصم والنفساء وما بينهما (قوله خلا المجنون) هذا ما مشى عليه في البحر عن البدائع. قال في الفتح: لكن ذكر شيخ الإسلام أنه لا يجب بالسماع من مجنون أو نائم أو طير لأن السبب سماع تلاوة صحيحة وصحتها بالتمييز، ولم يوجد وهذا التعليل يفيد التفصيل في الصبي، فليكن هو المعتبر إن كان مميزا وجب بالسماع منه وإلا فلا ا هـ. واستحسنه في الحلية. (قوله المطبق) بالكسر كما في المغرب وفي القاموس أطبقه غطاه ومنه الجنون المطبق والحمى المطبقة ا هـ. والمراد به الملازم الممتد. والذي حرره ابن الهمام في التحرير وفتح القدير وتبعه في البحر إن قدر الامتداد المسقط في الصلوات بصيرورتها ستا عند محمد وفي الصوم باستغراق الشهر ليله ونهاره وفي الزكاة باستغراق الحول ا هـ. ويظهر منه ومن قول المصنف على من كان أهلا لوجوب الصلاة أن التلاوة كالصلاة في ذلك لكن المراد به هنا بناء على ما ذكره في الدرر وتبعه الشارح ما زاد على يوم وليلة وكان لا يزول فإنه جعل الجنون على ثلاث مراتب قاصرا وهو ما لا يزيد على يوم وليلة وكاملا غير مطبق وهو ما يزيد على ذلك لكنه قد يزول وكاملا مطبقا وهو ما يزيد على ذلك ولا يزول. والحاصل لصاحب الدرر على ذلك التقسيم هو التوفيق بين كلامهم فإنه نقل عن تلخيص الجامع عدم الوجوب بالسماع من المجنون. وعن الخانية الوجوب وعن النوادر أنه إذا قصر فكان يوما وليلة أو أقل يلزمه السجود تلاها أو سمعها أي وإذا وجبت عليه تجب على من سمعها منه بالأولى ثم ذكر في الدرر أن القاصر يجب السجود بتلاوته عليه وعلى من سمع منه وهو ما في النوادر والكامل الغير المطبق لا يجب عليه بتلاوته بل على سامعه وهو ما في الخانية والمطبق لا يجب عليه ولا على سامعه وهو ما في التلخيص وقد جرى الشارح على هذا التقسيم والتوفيق (قوله فلا تجب بتلاوته) أي على من سمعه كما لا تجب عليه نفسه. (قوله لعدم أهليته) يرد عليه الصبي فإنه يجب على من سمعه مع عدم أهليته ط. (قوله تلزمه تلا أو سمع) أي لأنه أهل لوجوب قضاء الصلاة وإذا لزمته لزمت من سمع منه بالأولى كما مر. وفي شرح الشيخ إسماعيل: كل من وجب عليه بالسماع من الغير وجب على الغير بالسماع منه بلا عكس (قوله وإن أكثر) أي من يوم وليلة يعني ولم يكن مطبقا بقرينة المقابلة وهذا ثالث الأقسام. (قوله لكن إلخ) استدراك على ما حرره خسرو صاحب الدرر وهو ما مر. وحاصل ما ذكره الشرنبلالي في حاشيته عليه أن ما ذكره من تقسيم الجنون إلى ثلاثة أقسام مخالف لكلام الأصوليين أنه قسمان فقط مطبق وغيره وأن تفسيره المطبق بما لا يزول غير مسلم لأنه ما من ساعة إلا ويرجى زواله وأن في السماع من المجنون روايتين مصححتين حكاهما في الجوهرة، فالوجه في التوفيق أن يحمل ما في الخانية على رواية وما في التلخيص على أخرى ا هـ. أقول: والظاهر أن هاتين الروايتين في الجنون المطبق وغيره خلافا لما في حاشية نوح أفندي وشرح الشيخ إسماعيل من تقييده بالمطبق بدليل ما قدمناه عن الفتح وكذا ما في الجوهرة حيث قال: ولو سمعها من نائم أو مغمى عليه أو مجنون ففيه روايتان أصحهما لا يجب ا هـ. فإن المجنون غير المطبق ليس أدنى حالا من النائم والمغمى عليه، فالخلاف الجاري فيهما جار فيه أيضا لكون كل منهم من أهل الوجوب فكان الظاهر الإطلاق بلا تقييد بمطبق أو غيره. (قوله ونقل الوجوب إلخ) يغني عنه ما قبله مع أنه يوهم أنه في الجوهرة اقتصر على الوجوب. (قوله من الصدى) هو ما يجيبك مثل صوتك في الجبال والصحاري ونحوهما كما في الصحاح. (قوله والطير) هو الأصح زيلعي وغيره، وقيل تجب. وفي الحجة هو الصحيح تتارخانية. قلت: والأكثر على تصحيح الأول وبه جزم في نور الإيضاح (قوله ومن كل تال حرفا) تكرار مع ما يأتي متنا وكأنه ذكره تنبيها على أن الأولى أن يذكر هنا ح. (قوله ولا بالتهجي) لأنه لا يقال قرأ القرآن وإنما قرأ الهجاء ولو فعل ذلك في الصلاة لم يقطع لأنها الحروف التي في القرآن ولا تنوب عن القراءة لأنه لم يقرأ القرآن إمداد عن التجنيس والخانية ولا تجب بالكتابة بحر (قوله ولا من المؤتم إلخ) أي لا تجب على من سمعها منه سواء كان إمامه أو المقتدين به كما لا تجب عليه نفسه كما مر. (قوله بخلاف الخارج) أي عن صلاة المؤتم التالي إماما كان أو مؤتما أو منفردا أو غير مصل أصلا كما قدمناه عند قوله ولو تلا المؤتم ح (قوله على المختار) كذا في النهر والإمداد، وهذا عند محمد وعند أبي يوسف على الفور هما روايتان عن الإمام أيضا كذا في العناية قال في النهر: وينبغي أن يكون محل الخلاف في الإثم وعدمه حتى لو أداها بعد مدة كان مؤديا اتفاقا لا قاضيا. ا هـ. قال الشيخ إسماعيل وفيه نظر أي لأن الظاهر من الفور أن يكون تأخيره قضاء. قلت: لكن سيذكر الشارح في الحج الإجماع على أنه لو تراخى كان أداء مع أن المرجح أنه على الفور ويأثم بتأخيره فهو نظير ما هنا تأمل. (قوله تنزيها) لأنه بطول الزمان قد ينساها، ولو كانت الكراهة تحريمية لوجبت على الفور وليس كذلك ولذاكره تحريما تأخير الصلاتية عن وقت القراءة إمداد واستثنى من كراهة التأخير ما إذا كان الوقت مكروها كوقت الطلوع. [فرع] في التتارخانية: يستحب للتالي أو السامع إذا لم يمكنه السجود أن يقول - سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير -. (قوله ويكفيه إلخ) مكرر مع ما قدمه في قوله خلا التحريمة ونية التعيين (قوله وتسقط بالحيض) تبع في ذلك صاحب النهر حيث قال وصرحوا بأنها لو أخرتها حتى حاضت سقطت وكذا لو ارتدت بعد تلاوتها كذا في الخانية. ا هـ. والذي في الخانية المرأة إذا قرأت آية السجدة في صلاتها فلم تسجد حتى حاضت سقطت عنها السجدة ا هـ. ومثله ما سيذكره الشارح عن الخلاصة، فعلم أن المراد السجدة الصلاتية، وهي الآتية في ضمن قول المتن إلا إذا فسدت بغير الحيض إلخ فلا محل لذكرها هنا، نعم في التجنيس ما يدل على سقوطها بالحيض مطلقا، فإنه قال: إذا قرأت آية السجدة ولم تسجد لها حتى حاضت سقطت؛ لأن الحيض ينافي وجوبها ابتداء فكذا بقاء وهو نظير المسلم إذا قرأها ثم ارتد سقطت عنه حتى إذا أسلم لا تجب عليه لأن الكفر ينافيه ابتداء فكذا بقاء ا هـ. فتأمل. (قوله والردة) فيه أن وقتها العمر وما بقي وقته لا يسقط عن المرتد إذا أسلم كالحج وكصلاة صلاها فارتد فأسلم في وقتها فليتأمل. وأجاب بعض الحذاق بأن السبب في الصلاة قد تحقق بعد الإسلام ولا كذلك سجود التلاوة، وكذلك يعتبر القدرة على الزاد والراحلة في الحج بعد الإسلام ط. وفيه أن الكلام في سقوطها عمن لم يسجد لا في عدم وجوب الإعادة على من سجدها بل ما نحن فيه نظير من ترك صلاة ثم ارتد وقدمنا قبيل سجود السهو أنه يجب عليه بعد الإسلام ما تركه قبل الردة ومقتضى ذلك لزوم السجدة هنا عليه. (قوله فعلى الفور) جواب شرط مقدر تقديره فإن كانت صلوية فعلى الفور ح ثم تفسير الفور عدم طول المدة بين التلاوة والسجدة بقراءة أكثر من آيتين أو ثلاث على ما سيأتي حلية. (قوله ويأثم بتأخيرها إلخ) لأنها وجبت بما هو من أفعال الصلاة. وهو القراءة وصارت من أجزائها فوجب أداؤها مضيقا كما في البدائع ولذا كان المختار وجوب سجود للسهو لو تذكرها بعد محلها كما قدمناه في بابه عند قوله بترك واجب فصارت كما لو أخر السجدة الصلبية عن محلها فإنها تكون قضاء، ومثله: ما لو أخر القراءة إلى الأخريين على القول بوجوبها في الأوليين وهو المعتمد. أما على القول بعدمه فيهما فهي أداء في الأخريين كما حققناه في واجبات الصلاة فافهم. (قوله ولو بعد السلام) أي ناسيا ما دام في المسجد وروي أنه لا يسجد بعد السلام ناسيا تتارخانية. (قوله ثم هذه النسبة هي الصواب) أي قول المصنف صلوية برد ألفه واوا وحذف التاء، وإذا كانوا قد حذفوها في نسبة المذكر إلى المؤنث كنسبة الرجل إلى بصرة فقالوا بصري لا بصرتي كي لا تجتمع تاءان في نسبة المؤنث فيقولون بصرتية فكيف بنسبة المؤقت إلى المؤنث فتح. (قوله ومن سمعها إلخ) السماع غير شرط بالنظر إلى الاقتداء بل الشرط هو الاقتداء، وإن لم يسمعها ولم يحضرها كما قدمه الشارح لكن قيد بالسماع ليتأتى التفصيل الآتي. (قوله ولو باقتدائه به) أي ولو صار التالي إماما بسبب اقتداء السامع به بأن تلاها وهو منفرد فاقتدى به. (قوله سجد معه) قيد به لأن الإمام لو لم يسجد لا يسجد المأموم وإن سمعها لأنه إن سجدها في الصلاة وحده خالف إمامه، وإن سجد بعد الفراغ فهي صلاتية لا تقضى خارجها بحر (قوله لا يسجد أصلا) أي لا في الصلاة ولا بعدها فافهم. (قوله كذا أطلق في الكنز) أي أطلق قوله، ولو ائتم بعده: أي بعد سجود الإمام فشمل ما إذا اقتدى به في الركعة التي تلا فيها أو بعدها. قال في النهر: أما الأول فباتفاق الروايات وأما الثاني: فظاهر إطلاق الأصل أنها كذلك لأنها بالاقتداء صارت صلاتية فلا تقضى خارجها. واختار البزدوي تخصيصه بالأول وحمل الإطلاق عليه وهو ظاهر ما في الهداية ا هـ. أي حيث قال لأنه صار مدركا لها بإدراك الركعة. (قوله وكذا إلخ) أي يسجدها ولكن بعد الفراغ من الصلاة وهذا مقابل قوله كذا أطلق في الكنز وبه جزم في النقاية وإصلاحها والفتح وشرح المنية وكذا في المواهب وقال إنه الأظهر وتبعه في نور الإيضاح وقد علمت أن إطلاق الكنز والأصل محمول عليه وقد صرح صاحب الكنز بحمل إطلاقه عليه في كتابه الكافي وصاحب الدار أدرى (قوله ولو تلاها) أي المصلي غير المقتدي لقوله قبله ولو تلا المؤتم لم يسجد أصلا. (قوله لما مر) أي من قوله لصيرورتها جزءا من الصلاة. (قوله وإذا لم يسجد أثم إلخ) أفاد أنه لا يقضيها. قال في شرح المنية وكل سجدة وجبت في الصلاة ولم تؤد فيها سقطت أي لم يبق السجود لها مشروعا لفوات محله. ا هـ. أقول: وهذا إذا لم يركع بعدها على الفور وإلا دخلت في السجود وإن لم ينوها كما سيأتي وهو مقيد أيضا بما إذا تركها عمدا حتى سلم وخرج من حرمة الصلاة. أما لو سهوا وتذكرها ولو بعد السلام قبل أن يفعل منافيا يأتي بها ويسجد للسهو كما قدمناه (قوله إلا إذا فسدت) أي قبل سجودها والإفساد كالفساد ط. (قوله فلو به إلخ) ظاهره أن غير الصلاتية لا تسقط بالحيض وقدمنا الكلام فيه. (قوله لم يعدها) لأن المفسد لا يفسد جميع أجزاء الصلاة وإنما يفسد الجزء المقارن فيمتنع البناء عليه بحر عن القنية (قوله ويخالفه) أي يخالف ما في المتن والبحث والجواب لصاحب النهر. (قوله إلا أن يحمل إلخ) عبارة الخانية صريحة في ذلك ونصها مصلي التطوع إذا قرأ آية وسجد لها ثم فسدت صلاته وجب عليه قضاؤها ولا تلزمه إعادة تلك السجدة ا هـ. ومثله في الفيض والبزازية (قوله وتؤدى بركوع وسجود) الواو بمعنى أو. قال في الحلية والأصل في أدائها السجود وهو أفضل ولو ركع لها على الفور جاز وإلا لا ا هـ. أي وإن فات الفور لا يصح أن يركع لها ولو في حرمة الصلاة بدائع أي فلا بد لها من سجود خاص بها كما يأتي نظيره. وفي الحلية ثم إذا سجد أو ركع لها على حدة فورا يعود إلى القيام ويستحب أن لا يعقبه بالركوع بل يقرأ آيتين أو ثلاثا فصاعدا ثم يركع ا هـ. وإن كانت السجدة آخر السورة يقرأ من سورة أخرى ثم يركع، وتمامه في الإمداد والبحر. (قوله وكذا في خارجها إلخ) هذا ضعيف لما قدمناه عن البدائع من أنه لا يجزي لا قياسا ولا استحسانا وما عزاه إلى البزازية تبع فيه صاحب النهر وهو خلل في النقل لأن الذي رأيته في نسختين من البزازية هكذا، وروي في غير الظاهر أن الركوع ينوب عنها خارج الصلاة أيضا ا هـ. فسقط من كلامه لفظة غير، وما في البحر من أن قاضي خان اختار أنه ينوب عنها ففيه أن عبارة الخانية هكذا روي أنه يجوز ذلك ولا يخفى أنه مشعر بتضعيفه لا باختياره فتنبه لذلك (قوله لها أي للتلاوة) لو أخر الشارح قوله سابقا غير ركوع الصلاة وسجودها إلى هنا لكان أولى ط. (قوله على الفور إلخ) فلو انقطع الفور لا بد لها من سجود خاص بها ما دام في حرمة الصلاة وعلله في البدائع بأنها صارت دينا والدين يقضى بما له لا بما عليه والركوع والسجود عليه فلا يتأدى به الدين. ا هـ. (قوله على الظاهر كما في البحر) أي عن البدائع والمتبادر من عبارته أنه استظهار من صاحب البدائع، لا أنه ظاهر الرواية وفي الإمداد الاحتياط قول شيخ الإسلام خواهر زاده بانقطاع الفور بالثلاث. وقال شمس الأئمة الحلواني: لا ينقطع ما لم يقرأ أكثر من ثلاث وقال الكمال بن الهمام: قول الحلواني هو الرواية. ا هـ. قلت: وصرح في شرح المنية بأنه الأصح رواية، فإن محمدا نص على أنه إذا بقي بعد السجدة آيات من آخر السورة أي كسورة الانشقاق وسورة بني إسرائيل إن شاء ختم السورة وركع لها وإن شاء سجد لها ثم قام فأكمل السورة ثم ركع ا هـ. ومثله في الفتح. لكن في البحر عن المجتبى أن الركوع ينوب عنها بشرط النية وأن لا يفصل بثلاث إلا إذا كانت الثلاث من آخر السورة. ا هـ. ومقتضاه: أن الخلاف فيما في وسط السورة وأن هذه وفاقية وبه صرح في الحلية عن الأصل وغيره؛ نعم قال بعده إن الفرق ظاهر الوجه. قلت: قد يوجه بأن قراءة الثلاث من آخر السورة لا تفصل لأنها إتمام للسورة وعدم رفض باقيها فكان في قراءتها زيادة طلب فلم تفصل بخلاف الثلاث من وسط السورة فإنه ليس فيها زيادة طلب لعدم ما ذكرنا فعدت فاصلة تأمل. (قوله أي كون الركوع لسجود التلاوة) الأولى قول الإمداد أي نوى أداءها فيه ا هـ. ثم إن النية محلها عند إرادة الركوع فلو نواها فيه قيل يجوز وقيل لا ولو بعد الرفع منه لا يجوز بالإجماع بدائع. (قوله على الراجح) وقيل لا حاجة إلى النية عند الفور وجعله القهستاني رواية عن محمد. (قوله بالإجماع) كذا قال في البدائع لكن رده في الفتح بأن الخلاف ثابت أيضا. (قوله ولو نواها في ركوعه) أي عقب التلاوة ح عن البحر. (قوله لم تجزه) أي لم تجز نية الإمام المؤتم ولا تندرج في سجوده وإن نواها المؤتم فيه لأنه لما نواها الإمام في ركوعه تعين لها أفاده ح. هذا وفي القهستاني: واختلفوا في أن نية الإمام كافية كما في الكافي فلو لم ينو المقتدي لا ينوب على رأي فيسجد بعد سلام الإمام ويعيد القعدة الأخيرة كما في المنية. ا هـ. (قوله ولو تركها) أي القعدة فسدت صلاته لأن التلاوية ترفعها كالصلبية بخلاف السهوية كما مر في السهو. (قوله وينبغي حمله على الجهرية) البحث لصاحب النهر ولعل وجهه أنه ذكر في التتارخانية أنه لو تلاها في السرية فالأولى أن يركع بها لئلا يلتبس الأمر على القوم، ولو في الجهرية فالسجود أولى ا هـ. فإنه يفيد أن نية الإمام كافية لعدم علمهم بما قرأه الإمام سرا، ولو لم يجزهم الركوع عنها كان التباس الأمر عليهم أعظم ولم يكن في ترجيح الركوع له فائدة فيحمل كلام القنية هنا على الجهرية ليكون المؤتم عالما بالتلاوة فإذا ركع إمامه فورا يلزمه أن ينويها فيه احتياطا لاحتمال أن الإمام نواها فيه فإذا لم ينو يسجد بعد سلام إمامه، أما في السرية فهو معذور وتكفيه نية إمامه إذ لا علم له بتلاوة إمامه حتى يؤمر بالسجود لها بعد سلام الإمام. وأجاب ح بأنه يمكنه أن يخبره الإمام بعد السلام قبل تكلم المقتدى وخروجه من المسجد أنه قرأها ونواها في الركوع ا هـ. فتأمل. والأولى أن يحمل على القول بأن نية الإمام لا تنوب عن نية المؤتم، والمتبادر من كلام القهستاني السابق أنه خلاف الأصح حيث قال على رأي فتأمل. (قوله لو ركع وسجد لها) أي للصلاة فورا ناب أي سجود المقتدي عن سجود التلاوة بلا نية تبعا لسجود إمامه لما مر آنفا أنها تؤدى بسجود الصلاة فورا وإن لم ينو والظاهر أن المقصود بهذا الاستدراك التنبيه على أنه ينبغي للإمام أن لا ينويها في الركوع لأنه إذا لم ينوها فيه ونواها في السجود أو لم ينوها أصلا لا شيء على المؤتم لأن السجود هو الأصل فيها بخلاف الركوع فإذا نواها الإمام فيه ولم ينوها المؤتم لم يجزه، ثم لا يخفى أن إرجاع الضمير في قوله لها إلى التلاوة لا يصح إلا بتكلف فلا حاجة إليه فافهم. (قوله ولو سجد لها) أي للتلاوة. وفي أغلب النسخ: ولو ركع لها وما هنا هو الصواب الموافق لما في البحر أفاده ح. (قوله لأنه انفرد بركعة) لأن سجدة للتلاوة وسجدة تمت بها الركعة ط (قوله ولو سمع المصلي) أي سواء كان إماما أو مؤتما أو منفردا وقوله من غيره: أي ممن ليس معه في الصلاة سواء كان إماما غير إمامه أو مؤتما بذلك الإمام أو منفردا أو غير مصل أصلا. ا هـ. ح ونحوه في القهستاني، وهذا صريح بوجوبها بالسماع من المؤتم بغير إمام السامع بخلاف المؤتم بإمامه لكن صرح في الإمداد بأنها لا تجب بالسماع من مقتد بإمام السامع أو بإمام آخر. ا هـ. نعم في النهاية وشرح المنية وتجب على من سمعها من المؤتم ممن ليس في صلاته إجماعا ا هـ. وهذا موافق للأول. وفي البدائع إذا تلاها المؤتم لا تجب عليه في الصلاة إجماعا وكذا على الإمام والقوم إذا سمعوها منه. وأما بعد الصلاة فكذلك عندهما. وقال محمد: تلزمهم لتحقق السبب وهو التلاوة الصحيحة في حق المؤتم والسماع في حق الإمام والقوم ولذا تلزم من سمع منه وهو ليس في صلاتهم إلا أنهم لا يمكنهم الأداء فيها فتجب خارجها كما لو سمعوا من خارج عنهم ولهما أن هذه السجدة من أفعال هذه الصلاة لأن تلاوة المؤتم محسوبة من صلاته وإن تحملها عنه الإمام فلا تؤدى بعدها. ومن مشايخنا من علل بأن هذه القراءة منهي عنها فلا حكم لها أو بأنه محجور عليه فيها؛ فمن علل بالأول يقول: تجب على من سمعها من المؤتم ممن لا يشاركه في صلاته لأنها ليست من أفعال الصلاة في حقه ومن علل بالأخيرين يقول لا تجب فاختلفوا فيها لاختلاف الطرق ا هـ. ملخصا والظاهر أن الثاني ضعيف فلم يعتد به في النهاية حتى نقل فيه الإجماع كما علمته ولعل ما في الإمداد مبني عليه فتأمل. (قوله لأنها غير صلاتية) فإن قيل: السبب في حق السامع السماع لا التلاوة وسماعه موجود في الصلاة فلم تكن أجنبية لكون السبب غير أجنبي؟ قلنا: السماع ليس من أفعال الصلاة فكان أجنبيا بخلاف التلاوة شرح المنية. (قوله لسماعها من غير محجور) قد علمت أن المراد من الغير في قول المصنف من غيره ما يشمل المتقدي بإمام آخر، فتجب بالسماع منه مع أنه محجور إلا أن يراد المحجور عن التلاوة في صلاة السامع وهو المقتدي بإمامه لكن علمت أن من علل بالحجر يقول بعدم الوجوب بالسماع من المؤتم مطلقا. (قوله للنهي) علة للنقصان وذلك أن الأمر بإتمام الركن الذي هو فيه وانتقاله إلى آخر يقتضي النهي عن الاشتغال بأداء ما وجب بسبب خارج عن الصلاة فيها فالنهي ضمني كما في غرر الأفكار (قوله لما مر) من قوله لأنها ناقصة إلخ (قوله إلا إذا تلاها إلخ) استثناء من قوله وأعاده. (قوله غير المؤتم) صادق بالإمام والمنفرد. واحترز عن المؤتم فإنه يسجدها بعد الصلاة ولا تصير صلاتية لأن التي تلاها لا يعتد بها فلا تستتبع الخارجية. ا هـ. ح. (قوله ولو بعد سماعها) أي إذا تلاها المصلي وسجد لها لا إعادة عليه سواء تلاها قبل سماعها وهو ظاهر الرواية أو بعده وهو أحد روايتين وبه جزم في السراج بحر (قوله دونها إلخ) هو ظاهر الرواية وهو الصحيح وفي رواية النوادر تبطل به الصلاة وليس بصحيح، وقيل هو قول محمد وعندهما لا يعيد إمداد والظاهر أن الإعادة واجبة لكراهة التحريم كما هو مقتضى النهي المذكور تأمل. (قوله لمتابعته غير إمامه) لأن المصلي سواء كان له إمام أو لا إذا تابع أحدا غير إمامه فسدت صلاته والمتابعة هنا وإن كانت ليست اقتداء حقيقة ولذا صح متابعة المرأة فيها وتقدم السامع على التالي لكن المتابعة في كل شيء بحسبه فلما تحققت المتابعة المعتبرة في محلها أشبهت الاقتداء الحقيقي فأفسدت الصلاة لأن متابعة المصلي لغير إمامه مفسدة ولذا قال في البحر بعد عزوه المسألة إلى التجنيس والمجتبى والولوالجية: وقدمنا أن زيادة سجدة واحدة بنية المتابعة لغير إمامه مبطلة لصلاته. ا هـ. (قوله ثم دخل في الصلاة فتلاها فيها) أي تلا تلك الآية بعينها أيضا في الصلاة سجد للتلاوة الثانية سجدة أخرى لأن الأقوى لا يكون تبعا للأضعف. (قوله كفته واحدة) هذا ظاهر الرواية: وفي رواية النوادر لا تكفيه الواحدة ومنشأ الخلاف هل بالصلاة يتبدل المجلس أو لا نهر. (قوله وإن اختلف المجلس) كذا في النهر عن البدائع ومثله في الدرر وشرط في البحر اتحاده قال الرملي في حواشيه ومثله في غاية البيان والنهاية والزيلعي والظاهر أن فيه اختلافا، وينبغي ترجيح ما في البحر. ا هـ. قلت: لكن في الشرنبلالية ما يفيد عدم الخلاف حيث جعل قوله وإن اختلف المجلس مبنيا على فرض تسليم الوجه لرواية النوادر، وهو أن المجلس بالصلاة تبدل حكما لأن مجلس التلاوة غير مجلس الصلاة فلا تستتبع إحداهما الأخرى وأما على الظاهر فالمجلس متحد حقيقة وحكما فلو لم يتحد ولو حكما بعمل غير الصلاة لا تجزئه الصلاتية عما قبلها كما في غاية البيان والزيلعي. ا هـ. (قوله سقطتا) لأن الخارجية أخذت حكم الصلاتية فسقطت تبعا لها ح. (قوله في الأصح) وعلى رواية النوادر لا تسقط الخارجية لأن الصلاتية ما استتبعتها على هذه الرواية ح عن الشرنبلالية. (قوله كما مر) أي مرتين الأولى: قوله: فيأثم بتأخيرها. والثانية: قوله: أثم فتلزمه التوبة ح. [تتمة] لم يذكر عكس مسألة المتن أي لو تلاها في الصلاة فسجدها فيها، ثم أعادها بعد السلام، فقيل تجب أخرى قال الزيلعي: وهذا يؤيد رواية النوادر، وقيل: لا تجب. ووفق الفقيه بحمل الأول على ما إذا تكلم لأن الكلام يقطع حكم المجلس والثاني على ما إذا لم يتكلم وهو الصحيح، فلا تأييد نهر، ولو لم يسجد لها حتى سلم ثم تلاها سجد سجدة واحدة وسقطت عنه الأولى شرح المنية عن الخانية (قوله ولو كررها في مجلسين تكررت) الأصل أنه لا يتكرر الوجوب إلا بأحد أمور ثلاثة: اختلاف التلاوة أو السماع أو المجلس. أما الأولان: فالمراد بهما اختلاف المتلو والمسموع حتى لو تلا سجدات القرآن كلها أو سمعها في مجلس أو مجالس وجبت كلها. وأما الأخير فهو قسمان: حقيقي بالانتقال منه إلى آخر بأكثر من خطوتين كما في كثير من الكتب، أو بأكثر من ثلاث كما في المحيط ما لم يكن للمكانين حكم الواحد، كالمسجد والبيت والسفينة ولو جارية، والصحراء بالنسبة للتالي في الصلاة راكبا. وحكمي وذلك بمباشرة عمل يعد في العرف قطعا لما قبله كما لو تلا ثم أكل كثيرا أو نام مضطجعا أو أرضعت ولدها أو أخذ في بيع أو شراء أو نكاح، بخلاف ما إذا طال جلوسه أو قراءته أو سبح أو هلل أو أكل لقمة أو شرب شربة أو نام قاعدا أو كان جالسا فقام أو مشى خطوتين أو ثلاثا على الخلاف أو كان قائما فقعد أو نازلا فركب في مكانه فلا تتكرر حلية ملخصا (قوله بل كفته واحدة) ولا يندب تكرارها بخلاف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي. (قوله وفي البحر التأخير أحوط) لأن بعضهم قال إن التداخل فيها في الحكم لا في السبب، حتى لو سجد للأولى ثم أعادها لزمته أخرى كحد الشرب والزنا نقله في المجتبى بحر: وأجاب الرملي بأن المبادرة إلى العبادة أولى ولا يمنع منه قول البعض لضعفه ومثله في شرح الشيخ إسماعيل وقال ولا سيما إذا كان بعض الحاضرين محتمل الذهاب كما يتفق في الدروس. (قوله والأصل أن مبناها) أي السجدة وهذا استحسان والقياس أن تتكرر لأن التلاوة سبب للوجوب شرنبلالية. (قوله دفعا للحرج) لأن في إيجاب السجدة لكل تلاوة حرجا خصوصا للمعلمين والمتعلمين وهو منفي بالنص بحر. (قوله بشرط اتحاد الآية والمجلس) أي بأن يكون المكرر آية واحدة في مجلس واحد، فلو تلا آيتين في مجلس واحد أو آية واحدة في مجلسين فلا تداخل ولم يشترط اتحاد السماع لأنه إنما يكون باتحاد المسموع فيغني عنه اشتراط اتحاد الآية، وأشار إلى أنه متى اتحدت الآية والمجلس لا يتكرر الوجوب وإن اجتمع التلاوة والسماع ولو من جماعة ففي البدائع لا يتكرر، ولو اجتمع سببا الوجوب وهما التلاوة والسماع بأن تلاها ثم سمعها أو بالعكس أو تكرر أحدهما. ا هـ. وفي البزازية: سمعها من آخر ومن آخر أيضا وقرأها كفت سجدة واحدة في الأصح لاتحاد الآية والمكان ا هـ. ونحوه في الخانية، فعلى هذا لو قرأها جماعة وسمعها بعضهم من بعض كفتهم واحدة. (قوله وهو تداخل) الضمير راجع إلى عدم التكرار المفهوم من قول المصنف وفي مجلس واحد لا أو إلى التداخل في عبارة الشارح وهما بمعنى واحد. (قوله فتكون إلخ) تفريع صحيح لأنه بيان وتوضيح لكيفية جعل الكل كتلاوة واحدة فافهم (قوله لأن تركها إلخ) علة لمحذوف تقديره وإنما لم يجعل من التداخل في الحكم مع تعدد الأسباب أفاده ط. (قوله لأنه أليق بالعقوبة) علة للنفي، وقوله لأنها للزجر إلخ علة للعلة. والحاصل أنا لم نقل بالتداخل في الحكم في العبادات لما يلزم عليه من الأمر الشنيع وهو ترك العبادة المطلوب تكثيرها مع قيام سببها فجعلنا الكل سببا واحدا لدفع ذلك لأنه أليق بها؛ أما العقوبات فإن مبناها على الدرء والعفو فلا يلزم من تركها مع قيام سببها الأمر الشنيع بل يحصل المقصود منها في الدنيا وهو الزجر بعقوبة واحدة مع جواز عفو المولى تعالى في الآخرة وإن تعدد السبب. (قوله وأفاد الفرق) أي بين التداخلين. وجه الفرق أنه لما جعلنا الأولى سببا والباقي تبعا لها كان أينما سجد سجد بعد السبب بخلافه في الثاني فإن الأسباب فيه على حالها فلا بد من السجود بعد تمام الأسباب ح (قوله حد ثانيا) أي لوجود سببه مع ظهور أنه لم يحصل المقصود وهو الانزجار عن الزنا بالحد الأول، بخلاف حد القذف إذا أقيم مرة ثم قذفه مرارا لم يحد لأن العار قد اندفع بالأول لظهور كذبه بحر. (قوله ذاهبا وآيبا) أما إذا كان يدير السداء على الدائرة وهو جالس في مكان واحد فلا يتكرر بحر عن الفتح بحثا وفيه نظر يأتي قريبا. (قوله وانتقاله من غصن إلى آخر) أي سواء كان قريبا أو بعيدا على الصحيح. وفي الواقعات الحسامية إن أمكنه الانتقال بدون نزول كفته واحدة لاتحاد المجلس وإلا فلا لاختلافه ا هـ. وهذا ما أفتى به شمس الأئمة الحلواني وغيره من الأئمة ط عن حاشية الزيلعي للشلبي. (قوله أو حوض) قال محمد: إن كان عرض الحوض وطوله مثل طول المسجد وعرضه لا يتكرر الوجوب والصحيح أنه يتكرر خانية. (قوله تبديل للمجلس) أي في حق التالي أو الآية أي في حق السامع كذا في شرحه على الملتقى. قلت: الظاهر أن يقال أو التلاوة بدل الآية لأن السبب في حق السامع هو التلاوة كما مر على أنه مخالف لقول المصنف الآتي لا عكسه فإنه مبني على سببية السماع، وعليه فكان المناسب التعبير بالسماع. وقد يجاب بأنه مبني على سببية السماع ولما كان تبدل السماع بتبدل المسموع أتى بقوله أو الآية بدل قوله أو السماع تأمل. (قوله فتجب سجدة أو سجدات) أي بقدر تعدد التلاوة، وقوله أخرى صفة سجدة ويقدر لقوله أو سجدات صفة غيرها أي أخر ففيه حذف الصفة لدليل وإقحام المعطوف بين المعطوف عليه وصفته. (قوله بخلاف زوايا مسجد) أي ولو كبيرا على الأوجه وكذا البيت. وفي الخانية والخلاصة إلا إذا كانت الدار كبيرة كدار السلطان. ا هـ. حلية وظاهر أن الدار التي دونها لها حكم البيت وإن اشتملت على بيوت، ثم قال في الحلية: ثم الأصل على ما في الخانية والخلاصة أن كل موضع يصح الاقتداء فيه بمن يصلي في طرف منه يجعل كمكان واحد ولا يتكرر الوجوب فيه وما لا فلا، فعلى هذا لو كانت الشجرة أو تسدية الثوب أو التردد في الدياسة أو حول رحا الطحن ونحو ذلك فيما له حكم المكان الواحد كالمسجد ينبغي أن لا يتكرر الوجوب بتكرير التلاوة. ا هـ. قلت: هو بحث وجيه، لكن ظاهر إطلاقهم خلافه ولعل وجهه أن الانتقال من غصن إلى غصن والتسدية ونحو ذلك أعمال أجنبية كثيرة يختلف بها المجلس حكما كالكلام والأكل الكثير لما مر من أن المجلس يختلف حكما بمباشرة عمل يعد في العرف قطعا لما قبله، ولا شك أن هذه الأفعال كذلك وإن كانت في المسجد أو البيت بل يختلف بها حقيقة لأن المسجد مكان واحد حكما وبهذه الأفعال المشتملة على الانتقال يختلف حقيقة بخلاف الأكل فإن الاختلاف فيه حكمي، وعلى كل يتكرر الوجوب ولذا قيد في الواقعات الانتقال من غصن إلى غيره بما إذا احتاج إلى نزول كما قدمناه أي ليكون عملا كثيرا. والحاصل أن ما له حكم المكان الواحد كالمسجد والبيت لا يضر الانتقال فيه بأكثر من ثلاث خطوات ما لم يقترن بعمل أجنبي يعد في العرف قطعا لما قبله كالدياسة والتسدية، بخلاف مجرد المشي من غير عمل بل إطلاق كلامهم يدل على أن ذلك العمل الأجنبي كالأكل الكثير والبيع والشراء يضر هنا، ولو بدون مشي وانتقال حيث لم يقيدوه بغير المسجد والبيت ومقتضاه تكرار الوجوب لو فصل بين التلاوتين بعمل دنيوي كخياطة وحياكة ولو كان في المسجد أو البيت في مكان واحد ولهذا قال في البدائع في تحقيق اختلاف المجلس حكما بالبيع ونحوه؛ ألا ترى أن القوم يجلسون لدرس العالم فيكون مجلس الدرس ثم يشتغلون بالنكاح فيصير مجلس النكاح، ثم بالبيع، فيصير مجلس البيع، ثم بالأكل فيصير مجلس الأكل فصار تبدله بهذه الأفعال كتبدله بالذهاب والرجوع. ا هـ. وعلى هذا فما مر عن الفتح من أنه إذا كان يدير السداء على الدائرة وهو جالس في مكان واحد، فلا يتكرر فيه نظر إلا أن يحمل على ما إذا لم يفصل بين التلاوتين بعمل كثير من ذلك، وإلا فما الفرق بين إدارة الدائرة كثيرا وبين الأكل الكثير وإرضاع الولد ونحوهما مما مر أنه يختلف به المجلس. وقد يقال: إنه إذا جلس للتسدية وقرأ مرارا لا تكون التسدية فاصلة لكون المجلس لها. وعليه يقال مثله في الأكل ونحوه فتأمل. هذا ما ظهر لي تحريره في هذا المحل، والله تعالى أعلم.(قوله وفعل قليل) احترز به عن الفعل الكثير الذي يعد قاطعا للمجلس عرفا كما مر بخلاف ما إذا طال جلوسه أو قراءته أو سبح أو هلل كما قدمناه أو وعظ أو درس كما في التتارخانية. (قوله وقيام) أي في محله، ومثله لو مشى خطوتين أو ثلاثا على ما مر. (قوله ورد سلام) أي وتشميت عاطس، بخلاف ما لو تكلم كلمات أو شرب جرعات أو عقد نكاحا أو بيعا فإنه لا يكفيه سجدة واحدة شرح المنية. (قوله وكذا دابة) أي سائرة ح (قوله لأن الصلاة تجمع الأماكن) ضرورة أن اختلاف المكان يمنع صحة الصلاة، ومفاده التسوية بين كون التكرار في ركعة أو أكثر وهو قول أبي يوسف وهو الأصح خلافا لمحمد فإن عنده يتكرر الوجوب بتكرارها في ركعتين شرح المنية. (قوله ولو لم يصل تتكرر) لأن سيرها مضاف إليه حتى يجب عليه ضمان ما أتلفت بخلاف سير السفينة ح عن الدرر. (قوله كما تتكرر) أي على السامع دون التالي وفي عكسه بعكسه ط. والحاصل أن من تكرر مجلسه من سامع أو تال تكرر الوجوب عليه دون صاحبه. (قوله وغلامه يمشي) أقول: ومثله لو كان راكبا معه لما في شرح تلخيص الجامع لو كان المصلي على الدابة في محمل وكررها مرارا يتحد الوجوب في حقه ويتعدد في حق عديله لاختلاف المكان في حق السامع ا هـ. أي إلا إذا اقتدى به. وفي الخانية راكبان كل منهما يصلي صلاة نفسه فتلا أحدهما آية مرتين والآخر آية أخرى مرة وسمع كل من الآخر؛ فعلى الأول سجدتان إحداهما: في الصلاة لقراءته، والأخرى بعد الفراغ لقراءة صاحبه لأنها لا تكون صلاتية وعلى الثاني سجدة في صلاته لقراءته وسجدتان بعد الفراغ لتلاوتي صاحبه على رواية النوادر وواحدة في ظاهر الرواية وعليه الاعتماد لأن السامع مكانه واحد وكذا التالي. ا هـ. (قوله تتكرر على الغلام) لتبدل المجلس في حقه بخلاف الراكب لأن الصلاة تجمع المتفرق ط (قوله لا تتكرر) أي على السامع. (قوله على المفتى به) راجع إلى صورة العكس فقط، ومقابله ما صححه في الكافي من تكررها على السامع أيضا لأن التلاوة هي السبب في حقه أيضا لكن بشرط السماع وصحح في الهداية والخانية الأول. قال في الينابيع وعليه الفتوى. قال الفقير وبه نأخذ شرح المنية. (قوله وأما الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فكذلك) أي كالسجدة تتكرر عند ذكر اسمه الشريف أو سماعه في مجلسين لا في مجلس، وكان الأولى ذكر هذه المسألة عند قول المتن، ولو كررها في مجلسين إلخ كما فعل في البحر. قال في شرح المنية: واعلم أن حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه على القول بوجوبها كحكم السجدة في عدم تكرر الوجوب عند اتحاد المجلس، لكن يندب تكرار الصلاة دون السجود. والفرق أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يتقرب بها مستقلة وإن لم يذكر بخلاف السجدة فإنها لا يتقرب بها مستقلة من غير تلاوة. ا هـ. (قوله: وقال المتأخرون: تتكرر) قال في البحر وقدمنا ترجيحه. ا هـ. وتقدم هذا البحث في فصل إذا أراد الشروع وقدمنا هناك ترجيح الأول وصححه في الكافي هنا وجزم به ابن الهمام في زاد الفقير. (قوله فالأصح إلخ) وقيل مرة وقيل إلى العشر وقيل كلما عطس ح وإنما يجب تشميته إذا حمد الله تعالى كذا في شرح تلخيص الجامع (قوله فيه إلخ) وقال محمد في الجامع الصغير لأن فيه هجر شيء من القرآن وذلك ليس من أعمال المسلمين ولأنه فرار من السجدة وذلك ليس من أخلاق المؤمنين نهر. (قوله وتغيير تأليفه) عطف تفسير ح. (قوله مأمور به) قال تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أي تأليفه فتح عن البدائع. (قوله ومفاده إلخ) هو لصاحب النهر أخذا مما مر عن الجامع الصغير وعن البدائع فافهم (قوله لا يكره عكسه) قال في البدائع لو قرأ آية السجدة من بين السورة لم يضره ذلك لأنها من القرآن وقراءة ما هو من القرآن طاعة كقراءة سورة من بين السور. ا هـ. وظاهره أنه لا يكره لا تحريما ولا تنزيها لأنه جعل قراءة الآية كقراءة السورة ولا كراهة في قراءة سورة واحدة أصلا فكذا الآية الواحدة. وأما قوله: وندب إلخ فقد ذكرنا مرارا أن ترك المندوب لا يلزم أن يكون مكروها تنزيها إلا بدليل فتأمل. هذا وفي البحر: وقيد عدم الكراهة في الخانية بأن يكون في غير الصلاة ا هـ. أما فيها فمكروه قهستاني. قلت: وبين وجهه في الذخيرة حيث قال قالوا ويجب أن يكره في حالة الصلاة لأن الاقتصار على آية واحدة في الصلاة مكروه ا هـ. ومقتضاه أن الكراهة فيها تحريمية لترك الواجب وهو قراءة ثلاث آيات لا للعلة الآتية في الشرح. (قوله قبلها أو بعدها) أخذ التعميم من قول الخانية إن قرأ معها آية أو آيتين فهو أحب وكذا عبر في البدائع من أن الإمام محمدا قال أحب إلي أن يقرأ قبلها آية أو آيتين كما في البحر، وكأنهم أخذوا التعميم من عموم التعليل إذ دفع الوهم لا يختص بما قبلها. والظاهر أن مثل ذلك ما إذا قرأ آية قبلها وآية بعدها وتشمله عبارة الخانية. (قوله باشتماله على صفاته تعالى) فزيادة الفضيلة باعتبار المذكور لا باعتباره من حيث هو قرآن بحر وحينئذ فلا يشكل ما ورد من تفضيل بعضه على بعض كما ورد من أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ونحو ذلك. (قوله واستحسن إخفاؤها إلخ) لأنه لو جهر بها لصار موجبا عليهم شيئا ربما يتكاسلون عن أدائه فيقعون في المعصية فإن كانوا متهيئين جهر بها بحر عن البدائع قال في المحيط بشرط أن يقع في قلبه أن لا يشق عليه أداء السجدة فإن وقع أخفاها ا هـ. وينبغي أنه إذا لم يعلم بحالهم أن يخفيها نهر. (قوله واختلف التصحيح إلخ) أقول: صحح عدم الوجوب في الذخيرة والتتارخانية كذا في القهستاني عن المحيط ومشى عليه في الحلية. نعم قال المصنف في المنح: اختلف المشايخ في وجوب السجود والصحيح الوجوب قال بعض الأفاضل وهو مشكل لأن السماع في حق السامع شرط أو سبب للوجوب ولم يوجد، فلا يوجد الوجوب الذي هو المشروط أو المسبب وجوابه أن الأصح عدم الوجوب، كما في مجمع الفتاوى فليكن هو المعتمد. وعلى تقدير كون المعتمد الوجوب فجوابه أن المتشاغل نزل سامعا لأنه بعرضة أن يسمع واللائق به أن يكلف به زجرا له عن تشاغله عن كلام الله جل جلاله ا هـ. ما في المنح ملخصا (قوله من كل واحد حرفا) لما تقدم أن الموجب للسجدة تلاوة أكثر الآية مع حرف السجدة والظاهر أن المراد بالحرف الكلمة ويكون الحرف الحقيقي مفهوما بالأولى ح وقدمنا تمام الكلام عليه. (قوله فقد أفاد) أي صاحب الخانية بتعليله المذكور ط (قوله مهمة لكل مهمة) أي هذه فائدة مهمة أي ينبغي أن يصرف المسلم همته إلى تعلمها لأجل دفع كل مهمة أي كل حادثة تهمه وتحزنه. (قوله آي السجدة) بمد الهمزة جمع آية (قوله ولاء) بالكسر والمد. وفي بعض النسخ أولا والمعنى واحد وهو أنه أولا يسردها متوالية ثم يسجد للكل أربع عشرة سجدة. (قوله ويحتمل إلخ) جواب عما أورد الكمال من أنه إذا قرأها في مجلس واحد يلزم عليه تغيير نظم القرآن وقد مر أن اتباع النظم مأمور به. وأجاب في البحر بأن قراءة آية من السورة غير مكروه كما مر تعليله عن البدائع وفيه نظر لأن ما مر في قراءة آية واحدة، أما إذا قرأ آيات السجدة وضم بعضها إلى بعض يلزم عليه تغيير النظم وإحداث تأليف جديد كما نقله الرملي عن المقدسي، فلذا أجاب الشارح تبعا للنهر بحمل ما في الكافي على ما إذا سجد لكل آية بعد قراءتها فإنه لا يكره لأنه لا يلزم منه تغيير النظم لحصول الفصل بين كل آيتين بالسجود، بخلاف ما إذا قرأها ولاء ثم سجد لها فهذا يكره. قلت: لكن تقدم قبيل فصل القراءة أنه يستحب عقب الصلاة قراءة آية الكرسي والمعوذات، فلو كان ضم آية إلى آية من محل آخر مكروها لزم كراهة ضم آية الكرسي إلى المعوذات لتغيير النظم مع أنه لا يكره لما علمت بدليل أن كل مصل يقرأ الفاتحة وسورة أخرى أو آيات أخر، ولو كان ذلك تغييرا للنظم لكره. فالأحسن الجواب بما في شرح المنية من أن تغيير النظم إنما يحصل بإسقاط بعض الكلمات أو الآيات من السورة لا بذكر كلمة أو آية، فكما لا يكون قراءة سور متفرقة من أثناء القرآن مغيرا للتأليف والنظم لا يكون قراءة آية من كل سورة مغيرا له ا هـ.: وحاصله: أن المكروه إسقاط آية السجدة من السورة مع ضم ما بعدها إلى ما قبلها لأنه تغيير للنظم، أما ضم آيات متفرقة فلا يكره كما لا يكره ضم سور متفرقة بدليل ما ذكرناه من القراءة في الصلاة، وحينئذ فلا كراهة في قراءة آيات السجدة ولاء فيحمل كلام الكافي على ظاهره والله تعالى أعلم. مطلب في سجدة الشكر (قوله وسجدة الشكر) كان الأولى تأخير الكلام عليها بعد إنهاء الكلام على سجدة التلاوة ط وهي لمن تجددت عنده نعمة ظاهرة أو رزقه الله تعالى مالا أو ولدا أو اندفعت عنه نقمة ونحو ذلك يستحب له أن يسجد لله تعالى شكرا مستقبل القبلة يحمد الله تعالى فيها ويسبحه ثم يكبر فيرفع رأسه كما في سجدة التلاوة سراج. (قوله به يفتى) هو قولهما. وأما عند الإمام فنقل عنه في المحيط أنه قال لا أراها واجبة لأنها لو وجبت لوجب في كل لحظة لأن نعم الله تعالى على عبده متواترة وفيه تكليف ما لا يطاق. ونقل في الذخيرة عن محمد عنه أنه كان لا يراها شيئا وتكلم المتقدمون في معناه؛ فقيل لا يراها سنة، وقيل شكرا تاما لأن تمامه بصلاة ركعتين كما فعل عليه الصلاة والسلام يوم الفتح، وقيل أراد نفي الوجوب، وقيل نفي المشروعية وأن فعلها مكروه لا يثاب عليه بل تركه أولى وعزاه في المصفى إلى الأكثرين فإن كان مستند الأكثرين ثبوت الرواية عن الإمام به فذاك وإلا فكل من عبارتيه السابقتين محتمل والأظهر أنها مستحبة كما نص عليه محمد لأنها قد جاء فيها غير ما حديث وفعلها أبو بكر وعمر وعلي فلا يصح الجواب عن فعله صلى الله عليه وسلم بالنسخ كذا في الحلية ملخصا وتمام الكلام فيها وفي الإمداد فراجعهما. وفي آخر شرح المنية: وقد وردت فيه روايات كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام فلا يمنع عنه لما فيه من الخضوع وعليه الفتوى. وفي فروق الأشباه: سجدة الشكر جائزة عنده لا واجبة وهو معنى ما روي عنه أنها ليست مشروعة وجوبا وفيها من القاعدة الأولى والمعتمد أن الخلاف في سنيتها لا في الجواز. ا هـ. (قوله لكنها تكره بعد الصلاة) الضمير للسجدة مطلقا. قال في شرح المنية آخر الكتاب عن شرح القدوري للزاهدي: أما بغير سبب فليس بقربة ولا مكروه، وما يفعل عقيب الصلاة فمكروه لأن الجهال يعتقدونها سنة أو واجبة وكل مباح يؤدي إليه فمكروه انتهى. وحاصله أن ما ليس لها سبب لا تكره ما لم يؤد فعلها إلى اعتقاد الجهلة سنيتها كالتي يفعلها بعض الناس بعد الصلاة ورأيت من يواظب عليها بعد صلاة الوتر ويذكر أن لها أصلا وسندا فذكرت له ما هنا فتركها ثم قال في شرح المنية: وأما ما ذكر في المضمرات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله تعالى عنها: «ما من مؤمن ولا مؤمنة يسجد سجدتين» إلى آخر ما ذكر ". فحديث موضوع باطل لا أصل له. (قوله فمكروه) الظاهر أنها تحريمية لأنه يدخل في الدين ما ليس منه ط. (قوله ويكره للإمام إلخ) لأنه إن ترك السجود لها فقد ترك واجبا وإن سجد يشتبه على المقتدين شرح المنية. (قوله ونحو جمعة وعيد) أشار بنحو إلى أن الظهر مثلا لو أديت بجمع عظيم فهي كذلك أفاده ح. (قوله إلا أن تكون إلخ) بأن كانت في آخر السورة أو قريبا منه أو في الوسط وركع لها فورا كما مر بيانه قال ح: لكن ينبغي أن لا ينويها في الركوع لما فيه من المحذور المتقدم عن القنية أي أنه يلزم المؤتم إذا لم ينوها فيه أيضا أن يأتي بها بعد سلام الإمام ويعيد القعدة. (قوله سجد) أي فوقه أو تحته تتارخانية. (قوله وسجد السامعون) أي لا غيرهم بخلاف الصلاة تتارخانية. وفي البدائع: ولو تلاها الإمام على المنبر يوم الجمعة سجدها وسجدها معه من سمعها لما روي: «أنه عليه الصلاة والسلام تلا سجدة على المنبر فنزل وسجد وسجد الناس معه» ا هـ. والله تعالى أعلم.
|